كفيفات.. يساعدن الأطباء في الكشف المبكر عن سرطان الثدي
يعتبر الفحص بالجس باليدين Palpation من أهم الفحوصات الطبية التقليدية التي يجريها الطبيب بيده قبل أن يلجأ إلى سماعته الطبية وأجهزته الحديثة. ويعين الكشف بالجس، في البطن مثلا، في الكشف عن الأورام، مدى تضخم الكبد، التهاب القرحة المعدية.. إلخ. ولأن حواس المكفوفين تتركز في الحواس الأخرى مثل السمع واللمس والشم، فقد قرر الأطباء الألمان الاستفادة من هذه الخاصية في الكشف المبكر عن سرطان الثدي عند النساء.
تدريب طبي وأعلنت عيادة الطب النسائي في دويسبورغ (غرب)، لأول مرة، عن تعيين امرأتين كفيفتين في العيادة بهدف تقيم العون للأطباء، وللنساء عموما، في الكشف عن أورام الثدي. وأنهت المرأتان دورة طبية تحمل اسم «الأيادي الكشافة» في مستشفيات ايسن ودويسبورغ ودورن، ونالتا شهادتين طبيتين ككشافتين عن الأورام السرطانية بالجس. وبدأت الدورة، وأمدها 6 أشهر، في ايسن في العام الماضي حيث قضت المرأتان ستة أشهر في دراسة وتعلم مبادئ الطب وتشريح الثدي.. إلخ، أعقب ذلك تدريب عملي لمدة ثلاثة أشهر في العيادات النسائية في ايسن ودورن. وشارك 20 طبيبا في تدريب الدفعة الأولى من الكشافات الطبيات الكفيفات، وأجريت الفحوصات العملية الأولية على أثداء صناعية من السيليكون قبل الانتقال إلى التطبيق العملي في العيادات.
ويعود الفضل في المشروع إلى الدكتور فرانك هوفمان رئيس عيادة النساء في مستشفى دويسبورغ، وهو الأب الروحي لفكرة الاستفادة من حساسية أيادي المكفوفين في الكشف عن الأورام السرطانية. وتمكن هوفمان من الحصول على موافقة ودعم السلطات الصحية الألمانية ونقابة الأطباء واستحدث بالتالي، لأول مرة في ألمانيا، فرعا طبيا يختص باستخدام المكفوفين في الجس الطبي. ونال المشروع دعما قدره 200 ألف يورو من السلطات الصحية في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا.
وقال هوفمان إن النساء الكفيفات مفضلات على الرجال في الكشوفات الطبية في الأمراض النسائية. وتم تدريب النساء الكفيفات على 400 امرأة، في مختلف العيادات، وكانت المريضات مرتاحات نفسيا لقيام «كشافات» من جنسهن بفحصهن. ولا تحمل المتدربات شهادة طبيب وإنما شهادة مساعد في التشخيص يحم اسم «اختصاصي جس». ونجحت المرأتان، ميروسلافا غريسر وماريا انغولشتادت، في الكشف عن أورام سرطانية في مرحلة البداية، بل إنهما نجحتا في الفحص رغم تغطية الثدي بقماش خفيف أو بأشرطة طبية.
مجس بشري حساس من ناحيته، قال البروفيسور فريدلهلم فيستر من جامعة أيسن إن المرأتين عملتا طوال فترة التدريب كجهاز «التوموغراف» وكشفتا أوراما سرطانية لا يزيد قطر بعضها عن ملمترين. وعبر فيستر عن إعجابه بحساسية أنامل المرأتين وقال إن المتدربة كانت بحاجة إلى دقيقتين للانتهاء من إجراء الفحص، في حين يحتاج أمهر الأطباء إلى نصف ساعة. وأضاف: إذا نجحت المرأتان في كشف نصف الحالات بشكل مبكر فإن هذا يعني أننا سننقذ نصف المصابات بسرطان الثدي من العمليات الجراحية الكبيرة، التي تزيل الثديين، كما ستقلل نسبة الوفيات بسبب المرض إلى النصف. كما وافق اتحاد شركات التأمين الصحي على تحمل نفقات الفحص التي لا تزيد عن 25 يورو في كل مرة.
وذكرت ميروسلافا غريسر، 33 سنة، أنها سعيدة بعملها الجديد أكثر من سعادتها بعملها القديم في بدالة الهاتف. وأضافت أنها تفرح كثيرا إذا ما كشفت عن ورم صغير يعين في الكشف المبكر عن المرض، لكن فرحتها تكون أكبر حينما لا تكتشف أي ورم وتعرف أن المرأة سليمة من المرض. وعبرت غريسر عن رغبتها بإجراء دورات تدريبية خاصة للنساء لتعليمهن طريقة جس أثدائهن بأنفسهن في البيت.