“انه مؤذ ومؤلم في الداخل، وألمه مثل تكسير العظام” فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات تصف شعورها عندما يصفعها والداها، في تقرير منظمة انقاذ الاطفال – “اطفال صغار يتحدثون عن صفعهم”.
يعتقد الآباء انهم يسيطرون على تصرفات ابنائهم الخاطئة عن طريق استخدام العنف البدني.
العنف البدني يُعرف بالضرب، مثل الصفع أو الضرب على المؤخرة، وتتراوح درجته بين صفعة خفيفة الى قوية تسبب كدمات وإيذاء لجسد الطفل، ويمكن أن يكون العنف لفظيا ايضا حيث يساء للطفل ويؤذى بكلمات جارحة.
في عام 1995 أشارت اكاديمية طب الأطفال الاميركية، إن صفع الاطفال وسيلة غير مجدية لتأديبهم.
وعلى الرغم من تغيير المواقف تجاه ضرب الاطفال والاعتراف بأنه غير فعال ووسيلة تلحق الأذى لتأديب الاطفال، الا ان الصفع، أو الضرب على المؤخرة، او الضرب المبرح من اكثر الوسائل الشائع استخدامها في جميع أنحاء العالم لتأديب الاطفال.
كشفت البحوث في بريطانيا واميركا ان صفع وضرب الاطفال منتشر اكثر مما كان متوقعا، ووجدت اكثر من 70 من الاطفال صفعوا او ضربوا من قبل آبائهم وامهاتهم، ولذا منعت بعض الدول الغربية العقوبة البدنيه للأطفال قانونيا مثل السويد وفنلندا والنرويج والمانيا وايطاليا وغيرها.
أما في العالم العربي ففي الملاحظات الختامية للجنة حقوق الطفل التابعة للامم المتحدة عن بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا، اعربت اللجنة عن قلقها إزاء الانتشار الواسع للعقاب والعنف داخل الاسرة بوصفها وسيلة تأديبية معروفة ثقافيا ومتسامح معها قانونيا في عدد من البلدان بما فيها لبنان وتونس واليمن.
ووجدت دراسة اجرتها منظمة اليونيسيف في سوريا ان الضرب شائع كشكل من اشكال العنف ضد الاطفال، بنسبة تقارب 79، والامهات كن اكثر عنفا تجاه ابنائهن من الآباء.
ويشير مؤلفو كتاب "اكتشاف تنمية الطفل" إن الآباء والأمهات يستخدمون وسائل مختلفة لتأديب اطفالهم، اذ يُصفع الصبيان اكثر من البنات، والامهات يكثرن من الضرب اكثر من الآباء، ويتعرض الاطفال فى سن سبع سنوات للصفعات اكثر ممن يكبرونهم سنا.
لماذا نحن بحاجة إلى ضرب أطفالنا؟
في حين إن العديد من البالغين يعتقدون ان العنف خطأ، إلا ان صفع الاطفال او ضربهم على مؤخرتهم مقبول كوسيلة للتأديب وأسلوب التربية، وذلك لان كثيرا من الآباء والأمهات يعتقدون ان ضرب الاطفال يعلمهم عدم القيام بالأمور التي منعوا منها، ووسيلة فعالة لوقف التصرفات غير المقبولة فورا، كما انها تشجع الاطفال علي فعل ما يقال لهم.
وكذلك يعتقد بعض الآباء والأمهات ان اساليب التربية الأخري عدا الضرب غير مجدية لتأديب الاطفال.
أهمية التأديب وطرقه
التأديب يعرف بأنه أية محاولة من جانب الآباء لتغيير سلوك او تصرف اطفالهم، والهدف الأساسي من التأديب هو تعليم الاطفال ضبط النفس وتحمل المسؤولية والتصرف بسلوك مقبول، ويعني التأديب التوجيه والارشاد، وترسيخ القواعد والانضباط في مرحلة مبكرة من عمر الطفل.
هناك طرق عديدة ومختلفة لتأديب الاطفال، ولكن اكثرها شيوعا تصنف في ثلاثة فئات عامة:
- فرض السيطرة: عندما يستخدم الوالدان العنف البدني او التهديد باستخدامه للسيطرة على سلوك الطفل، ويشمل الضرب العنيف، والضرب على المؤخرة، والصفع، او استخدام اشياء مثل المسطرة او القصبة.
- الايذاء العاطفي: تقنية يتجاهل فيها الوالدان الطفل، أو عدم اظهار حبهم للطفل، وهذا الأسلوب قد يكون فعالا في المدى القصير، إلا ان عواقبه وخيمة بالنسبة للطفل علي المدي البعيد.
- التعليل: يستخدم الآباء والأمهات في هذه الوسيلة المنطق اللفظي للتواصل مع الطفل لتغيير سلوكه، ويشمل ذلك شرح الصواب والخطأ، والاقناع، وشرح القواعد والمعايير والنتائج المترتبة على تصرفات الطفل.
وتشير الدراسات أن الاطفال الذين تستخدم معهم هذه الوسائل يكونوا اكثر انفتاحا على المجتمع من غيرهم ويسلكون سلوكا مقبولا.
آثار ضرب الاطفال
ضرب الطفل يؤذيه، وهذا هو السبب في ان العديد من المؤسسات تنصح بعدم استخدامه، وقد عددت الاكاديمية الاميركية لطب الاطفال بعض الاسباب لتفادي ضرب الاطفال منها:
- الضرب يعلم الطفل انه يمكن ان يستخدم العنف اذا كان غاضبا
- الضرب يمكن ان يسبب أذى جسديا للطفل
- الضرب يجعل الطفل يخاف والديه ويستاء منهم.
- الضرب يجعل الطفل يفقد الثقة في والديه
- من الممكن ان يسعي الطفل الى جذب الاهتمام السلبي عن طريق اغضاب والديه.
وتبين البحوث أيضا أن الأطفال الذين ضربوا فى الصغر من الأرجح ان يكونوا عدوانيين وربما تكون مشاكلهم السلوكيه او العقليه اكثر من غيرهم من الاطفال.
وفي النهاية، فالأمر متروك للآباء والأمهات لاختيار وسيلة التهذيب التي تناسبهم، ليس هناك خطأ او صواب فيما تختاره، اذا كنت اكثر ميلا لاستخدام الضرب، فحاول استخدامه بحذر شديد.
تذكر ان الأبوة والأمومة ليست سهلة، حاول ان تفهم مراحل نمو طفلك وتذكر ان كل طفل يختلف عن الآخر، وما ينجح مع طفل قد لا ينجح مع الآخر، اذا كنت تريد ان تربي طفلا مسئولا وعطوفا تذكر القول الشهير من جبران خليل جبران : "أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم".
نصائح تساعد فى تأديب طفلك
- ضع بعض القواعد البسيطة التي تناسب عمر طفلك.
- كن قدوة حسنة لطفلك، وبين كيف يمكنك ان تحل المشاكل بطريقة سلمية.
- حاول أن تكون واقعيا فيما تتوقعه من طفلك، وحاول ألا تزحمه بعدد كبير من التوقعات، فقد يؤدي هذا الى الاحباط وخيبة الأمل.
- لا تدع غضبك يسيطر عليك، تعامل مع إساءة تصرف طفلك بعد ان تهدأ تماما.
- تجاهل سوء السلوك الثانوي، فالتجاهل غالبا ما يؤدي الي وقف السلوك غير المرغوب فيه.
- تحدث مع طفلك، واستمع اليه واجعله يعرف لماذا تشعر بالضيق، كن حذرا في ما تقول، فالكلمات الجارحة يمكن ان تؤذي طفلك.
- كن صبورا مع الاطفال اقل من سنتين، فكل شيء من حولهم جديد عليهم وسريعا ما ينسون الأوامر.
- اثنِ على طفلك عندما يكون مطيعا، واصبر عليه عندما يتمرد، لا تركز دائما على تصرفات طفلك السلبية.
- اذا رفض طفلك الاستماع اليك، انزل الي مستوى عينيه، وتحدث معه بهدوء.
- اذا كنت تشعر ان هنالك حاجة الى معاقبة طفلك، تأكد من ان يكون العقاب منطقي وله صلة بتصرفه حتى يتعلم الدرس.